جبار مطرود
عدد الرسائل : 246 العمر : 59 العمل/الترفيه : يهتم بالشعر والادب المزاج : جبد تاريخ التسجيل : 20/02/2008
| موضوع: رحلة معلمه من السفور الى الحجاب الجمعة يونيو 13, 2008 9:26 am | |
| أجرى اللقاء: عبد الباسط ترجمان – رؤية للأبحاث والدراسات – خاص موقع صيداويات الفتاة في نظرنا هي الحياة بعطر عفتها، الشمس في إشراقة إيمانها، السُحب في علو مكانتها، المطر في حنان عطائها، النهر في نقاء سريرتها. لا أدري أين أبدأ وبماذا أبدأ، هل أبدأ من بداية حياتها كفتاة متبرجة، ما زالت في عشرينيات عمرها، كل ما يهمها لفت الأنظار إليها، لإبراز جمالها وأنوثتها ومفاتنها، لتثبت أنها موجودة، وأنها ليست صفراً على الشمال، أو أبدأ من بداية مشوارها كفتاة أكرمها الله سبحانه وتعالى بالهداية، بل زادها جمالاً إلى جمالها وأنوثة إلى أنوثتها، بل وكرامة إلى كرامتها، وعزة بالدين إلى عزتها. وقفتُ والله حائراً عند كتابة هذه السيرة الذاتية، فما سمعته منها أعجز عن وصفه، فكانت الكلمات تخرج من قلب آلمه ما يشاهد من ضياع لمصنع البشرية (الفتاة) بل أحسستُ أن الكلام يخرج من قلب يحترق حزناً على ما مضى من أيام التبرج والسفور، بل والله لقد كانت تتساقط من فمها دعوات لله سبحانه وتعالى أن يهدي شباب وفتيات هذه الأمة، إلى طريق الفوز والنجاة. أبهرتني كلماتها، وأذهلني عشعشة الدين في جوفها، وأدهشني إصرارها على الإستمرار في هذا الطريق الصعب، فهي قد نالت قسطها من الانتقادات، بل تكاد لا تسلم من ألسنة الجاهلين، ولكن مع ذلك تتحدى الصعاب وتغلب الصبر، فالطريق طويل وآخره الجنة بإذن الله. فاجأتني ابنتي حين أخبرتني أن معلمتها السابقة غنى (ق) قد تحجبت، لا، أعتذر، بل تنقّبت. فرحتُ كثيراً فالحمد لله لقد هداها الله إلى طريق الجنة، ومن ناحيتي ما كنتُ أتوقع يوماً أن تفكر في الحجاب فضلاً عن لبس النقاب، وذلك لما كنتُ أراه من تبرج وسفور تتمتع به. نشأتها بدأت رحلتها العلمية من مدرسة الإيمان، مروراً ببعض المدارس وانتهت في الجامعة اللبنانية لتخرج منها ( 2002 ـ 2003) حاملة شهادة في مادة الأدب العربي، ثم توجهت نحو بيروت لنيل الدبلوم. في سن السابعة عشر من عمرها وضعت الحجاب والتزمت بالجلباب، ولكنها كانت غير مهيأة لذلك، وإنما كان فعلها " هبة إيمانية " وتأثرت بزميلاتها في الجامعة من أصحاب السوء وهن سافرات متبرجات، وأخذ الشيطان دوره في الوسوسة لها، فخلعته بعد شهرين، لتعود إلى التبرج والسفور. الصراع الداخلي قُبيل حرب تموز المدمرة، بدأت تنتابها رغبة بتمضية إجازة الصيف في المملكة لأداء العمرة وزيارة الأهل، لكن تساؤلات كثيرة جعلتها تتراجع: كيف أؤدي العمرة ولم أنوِ الحجاب بعد؟ هل أنتِ مهيأة لمثل هذه الخطوة؟ ثم كانت الحرب، وقدَّر الله لهم أن يسافروا إلى السعودية حيث يسكن أقرباؤها، وهناك أدت أول عمرة لها، وعندها حسمت خياراتها، أنه لا بد من الصلاة، وعقدت النية، وبدأت فعلاً بالصلاة، لكنها لم تضع الحجاب، كانت تعيش صراعاً داخلياً، فكونها فتاة، تريد أن تُوصف بما توصف به كل أنثى من جمال يُتغنى به، وبين أن تتحجب وتحجب جمالها وأناقتها عن الناس، فكان الصراع داخلها شديداً. عادت من العمرة قبل رمضان ( 1427هـ) بأسبوع، ولكن ما رأته في رمضان من مفاسد المقاهي والأسواق جعلها تحدث نفسها أنه ليس هذا المقصد من رمضان، ومما أعانها على نفسها أن الشياطين تُصفد في هذا الشهر الكريم، فقررت الحفاظ على أداء الصلاة، والمحافظة على صلاة التراويح، وقراءة القرآن. ثم بدأت بتحسين مظهرها الخارجي، فخففت من التبرج، وكانت تحدث نفسها كلما أرادت أن تعود إلى تبرجها وتزيد فيه أن هذا سيثير وسيفتن، كما أنه حرام، فتتراجع عن ما أراده لها الشيطان، وخصوصاً أنها أدركت أن أجر صيام المرء مرهونٌ باستمرار عبادته بعد شهر رمضان، فمن أراد أن يعرف ما إذا تقبل الله منه طاعته، فليراقب نفسه بعد رمضان هل ثبت أم ضلّ. بداية طريق الهداية حل شهر رمضان الماضي ( 1428هـ) ضيفاً على المسلمين، ولكنه كان ضيفاً مميزاً عند غنى، فقد بدأت منه مشوار نجاتها وفوزها بإذن الله. سألتها إحدى زميلاتها، أين تصلين؟ قالت: في المنزل، فحثتها على الذهاب إلى المسجد، قبلت منها وبدأت تتردد إلى مسجد بلال بن رباح لسماع حلقات ذكر الله وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت تضع الحجاب في السيارة عند باب المسجد، وتخلعه بعد ركوب السيارة، ومما زاد من حبها للمسجد الترحيب الذي لاقته في أول زيارة لها. الموقف من الرجال حسم خياراتها كانت ترى ظلم الرجل والمجتمع للمرأة، وأنها تُحاسب على كل شيء تفعله بعكس الرجل، فكان لها موقفاً من الرجال، في أثناء محادثة خطيبها، علمت أنه كباقي الرجال يظلمون المرأة، أنهت الحوار، ثم دخلت غرفتها وقد انهارت أعصابها، وبدأت تبكي، دخل عليها أخوها فقالت: أبشرك !!! أختك لن تتزوج أبداً. فرد عليها قائلاً: " هذه ضريبة كل من ترتبط بمن لا ترضى دينه وخلقه، وطالما أنك ترتبطين بالشخص غير الملتزم، فستبقين بهذا الجحيم، لأن الشاب الملتزم يعرف ماله من الحقوق وما عليه من الواجبات تجاه زوجته ". فقالت له: وهذا الملتزم، كيف سيتزوج مثلي فتاة غير ملتزمة بالدين؟!!! ولكن كلمات أخيها كانت كالسهم الذي دخل إلى قلبها، فعزمت النية وتوكلت على الله، وقررت أن تكون ملتزمة بأمور دينها، كي لا تُظلم ولا تظلم، وكيف لا وهي التي رضيت بالإسلام ديناً؟ !!! في الصيف الماضي ( 2007): جلست مع خطيبها وقسموا الناس إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول الملتزم، والقسم الثاني الملتزم العادي، والقسم الثالث: بقية الناس، وقررت أن تكون من القسم الأول، ونوت الحجاب، والحج، فهي لا تعرف الحل الوسط، إما أبيض أو أسود، وخيرت خطيبها إما أن يكون من القسم الأول أو الفراق، فرحب بطرحها بالإلتزام بأمور دينه الكاملة، وكان هو أيضاً ممن رضي بالإسلام ديناً. بداية الحجاب بدأت حجابها بلبس التنورة والكنـزة، ولكنها لم تكن مقتنعة بهذا الحجاب، ثم لبست الجلابيب بعد أدائها فريضة الحج، ولكنها مع كل هذا كانت إذا خرجت من منزلها تدعو بدعاء الخروج: " بسم الله، توكلت على الله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أُضل ...." تقول في نفسها ولكني ما زلت أُضل غيري، فالوجه هو البوابة التي تستطيع الدخول منه. مع النقاب في عطلة الربيع (أواخر آذار 2008) ذهبت إلى السعودية، وقدر الله أن يتوفى أحد أقاربها، فذهبت مع والدتها للتعزية، وكانت هناك داعية تُلقي كلمة، وكتب معروضة للبيع، اشترت كتاباً وألقت نظرة على فهرسه، فلفت نظرها " باب الحجاب الشرعي للفتاة " فأُعجبت به وبدأت تتمنى الوصول إلى المنزل كي تبدأ بقراءته. بعد قراءته، كان أول ما قالته: " سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير " فقررت أن تعود إلى لبنان منقبة، ولكن أهلها لم يأخذوا كلامها على محمل الجد، فعادت ووطأت قدماها أرض لبنان وهي منقبة، والحمد لله، وهي الآن معتزة بنقابها، وتعتبر نفسها الآن تعمل بدعاء الخروج من المنزل، فهي بحق الآن تعوذ بالله أن تضل أحداً من الشباب. الحجاب واجب وقناعة تعتبر غنى أن الحجاب للفتاة واجب ديني وقناعة على حد سواء، يجب على الأهل تربية بناتهم عليه، حتى يقتنعن به وهنَّ صغار، ويجب على الفتاة أن تعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أمرها في القرآن بالحجاب فقد قال تعالى" وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ....... [ النور31] وقوله تعالى: " وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " [ النور60] والقواعد من النساء هنَّ العواجز اللاتي لا يرجون نكاحاً، لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن، نفى عنهن الجناح في وضع الثياب بشرط ألا يكون الغرض من ذلك التبرج بالزينة، ومن المعلوم بالبداهة أنه ليس المراد بوضع الثياب أن يبقين عاريات، بل المراد بوضع الثياب التي تكون فوق الثياب الساترة لجميع البدن، مما لا يستر غالباً كالوجه والكفين. وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشابات اللاتي يرجون نكاحاً يخالفنهن في الحكم. وقال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً " [ الأحزاب 59] ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم الوجه والكفين حين قال: " المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان " ومعلوم أن الرجل أول ما يفتن بالمرأة يفتتن بوجهها وما فيه من جمال العينين والثغر. وأيضاً كيف لا يكون واجباً على المرأة وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنه قد غطت وجهها من صفوان بن المعطل رضي الله عنه حين رآها وحيدة بعدما تركها ركب النبي صلى الله عليه وسلم. وقصص الغربيات اللواتي دخلن الإسلام بسبب حجاب هذه الفتاة أو نقاب تلك الفتاة أكثر من أن تُحصر، وأصبح حجاب الفتاة المسلمة هو السبب الأول والرئيس في دخول كثير من الغربيات الإسلام، رغم محاربة الحجاب بشتى الأساليب والأكاذيب. وعلى الفتاة أيضاً أن تقتنع بأنه عليها ستر جمالها وجسمها عن أعين الرجال، حتى لا يقعوا في الفتنة، فالقناعة وتطبيق الدين يجب أن يتلازما مع الفتاة منذ صغرها. وتعتبر أن أنوثة الفتاة في الحجاب، وليس في التبرج والسفور، والفتاة كلما غطت جسدها وتسترت كان ذلك عزة لها وصيانة، والشاب يحترم الفتاة المحجبة بحسب الإحصائيات. أسألة وجهتها إليها ألستِ نادمة على النقاب؟ أبداً.... أبداًًًً .....أبداً، الله يثبتني. هل تعلم أني إذا رأيت فتاة قد ظهر معصم يدها، أدعو لها بالهداية، وأعرف مدى عظم الإثم الذي كنت واقعة فيه، وأحمد الله على هدايتي. هل النقاب آخر الطريق، أم أن هناك أشياء أخرى؟ لا، بل على العكس النقاب بداية الطريق إن شاء الله، فلا بد من دعوة الآخريات، وأنوي حفظ القرآن الكريم والتفسير. نصائح ما هي نصيحتك للفتاة؟ للفتاة المحجبة: متابعة دروس الدين ومجالس الذكر، والمحافظة على العبادات، والمحافظة على الصلاة وقراءة القرآن والصيام والصحبة الصالحة. للمحجبة حجاب الموضة: أنك وقد وضعت الحجاب فلا تُذهبي ثواب تغطية شعرك بإظهار أجزاء من جسدك، وتحديد حجمه. للفتاة السافرة: يا ليتني أستطيع أن أقول لها كل ما أعرفه!!! أسأل الله لي ولكِ الهداية، وهناك حديث قدسي: " لو يعلم العاصي مدى شوقي لتوبته لأتاني ..." أما الشباب فأنصحهم بسبع نصائح: غض البصر، الصحبة الصالحة، كما أنصحهم بالمحافظة على صلاة الجماعة في المسجد، الصيام، المثابرة على صلاة قيام الليل لأنها توثق العلاقة بالله عز وجل، " فما من ليلة أقومها إلا وجعلتني رقيباً على نفسي، وحصنتني من معصية الله في مثل هذا اليوم، فكيف أعصيه وقد كنّا على موعدٍ وسنلتقي في الليلة القادمة " الامتناع عن سماع الأغاني، الامتناع عن مشاهدة الأفلام والمسلسلات لأنها تثير الفتن وتفتح باب الشهوات وتحث على الميل إلى الحرام. وفي كلمتها الأخيرة قالت: أفضل نعمة من الله سبحانه وتعالى على الإنسان أن يجعله متبعاً أحسن القول إذا سمعه، فهذه نعمة ليست من الإنسان بل هي فضل من الله. لكن بإمكان المرء أم يحصلها بالدعاء: " اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه " وقولنا: " رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً وبمحمد (صلى الله عليه وسلم) نبياً " يحثنا على العودة إلى الله والتعرّف إلى صفاته جلّ وعلا، وفهم كلامه من القرآن والإطلاع على تعاليم دينه، وعلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرته الذاتية لنقتدي بها " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " [ الأحزاب 21] عندها سنقولها على يقين: رضيتُ بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا. وختمت بقولها: أسعى لتعلم أسلوب الدعوة إلى الله، حتى أستطيع أن أكون داعية، قادرة على دعوة الآخرين إلى الإلتزام بالدين، فنحن خُلقنا في هذه الدنيا لعبادة الله سبحانه وتعالى، " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " [ الذاريات56 ] فالزواج والعمل وكسب المال والطعام والشراب ... ما هي إلا وسائل لنتقوى بها على طاعة الله، ويجب علينا أن ننهل من العلم حتى نكون دعاة نستطيع أن نقنع الآخرين بما فيه نجاتهم في الدنيا والآخرة. في كل دقيقة هناك مشرك يموت على شركه، أو كافر يموت على كفره، واجبنا نحن المسلمين أن ندعوه إلى الإسلام " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ..." وإلا كان وزره علينا نحن المسلمون. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتها على الحق، وأن يجعل منها ومن أمثالها رائدات العمل الدعوي في هذه المدينة المباركة، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتجاوز عن سيئاتي وسيئاتها، وسيئات جميع المسلمين والمسلمات، وأن تكون شعلة تضيئ الطريق للأخرين حتى يمروا على طريق الإلتزام. وختمت بقولها: " اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه" .... يستمعون القول فيتبعون أحسنه ... " فيتبعون أحسنه ". | |
|